حملة إلكترونية استهدفت مكونات وشخصيات سياسية وقبلية يمنية.. من يقف وراءها؟

حملة إلكترونية استهدفت مكونات وشخصيات سياسية وقبلية يمنية.. من يقف وراءها؟

خطاب تحريضي ممنهج ضد مكوّنات رسمية وشخصيات اجتماعية وقبلية

أظهر تحليل فريق منصة مُسند لأكثر من 8.290 منشور على منصة إكس أن حملة #التشكيلات_الارهابيه اعتمدت على خطاب تحريضي مؤدلج، ركّز على نزع الشرعية عن أطراف حكومية وشخصيات اجتماعية فاعلة في محافظات مأرب، شبوة، حضرموت، والمهرة. إذ تكرّرت بشكل منهجي عبارات تحريضية "الإخوان"، "التمويل القطري"، "الاحتلال"، "الخلايا النائمة"، دون إرفاق أدلة ملموسة أو وقائع موثقة، ما يدل على أن الحملة شُيّدت حول سردية جاهزة لا على معطيات ميدانية.

وتضمّن الاستهداف شخصيات تنتمي لمجالات أمنية وقبلية مختلفة، أبرزهااللواء سلطان العرادة (عضو مجلس القيادة الرئاسي - العميد عبدربه لعكب (قائد أمني في شبوة) الشيخ علي سالم الحريزي (رئيس لجنة الاعتصام السلمي في المهرة) والشيخ عمرو بن حبريش (رئيس حلف حضرموت). ورغم التباين الكبير في مرجعياتهم السياسية ومواقفهم من حزب الإصلاح – بل إن بعضهم لا تربطه صلة به – إلا أن الحملة سعت إلى دمجهم قسرًا في خانة واحدة عبر استخدام مصطلح "الإخوان" كتهمة شاملة.

يُذكر أن حزب الإصلاح صرّح سابقًا بأنه مكوّن سياسي يمني مستقل لا يتبع جماعة الإخوان المسلمين، وأنه شريك ضمن الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا

بداية الحملة – انطلاقة متزامنة تشير إلى تنسيق مسبق

أظهر التحليل الزمني لمنصة مُسند أن حملة #التشكيلات_الارهابيه انطلقت عند الساعة 4:08 مساءً بتوقيت اليمن يوم أغسطس 2025، عبر نشاط مكثف ومتزامن لعشرات الحسابات بصياغات متطابقة ومتقاربة، في نمط يُعرف بـ"الانفجار المنسق"
الحملة ظهرت فجأة دون تمهيد أو نقاشات عامة، ما يرجّح استخدامها أدوات جدولة و تنسيق عبر مجموعات مغلقة، بهدف توليد زخم مصطنع يرفع الوسم سريعًا ويضع خطابًا أيديولوجيًا في صدارة التداول.



الوصول الكلي:

شهدت الحملة الرقمية حجم انتشار لافت، حيث بلغ إجمالي الوصول التقديري نحو 80.5 مليون مستخدم، بمتوسط يومي قدره 16.1 مليون مستخدم. ويعكس هذا الارتفاع السريع خلال مدة محدودة نمطًا واضحًا من التضخيم الرقمي


نشاط مكثف لحسابات ذات سجل نشر مؤدلج

كشف التحليل الذي أعدّه فريق منصة "مُسند" والذي استمر لفترة سبعة ايام من الرصد والتحليل أن حملة #التشكيلات_الارهابيه شغّلتها شبكة محددة من الحسابات الموجهة، عُرفت بسلوكها التعبوي وتكرار مشاركتها في حملات سياسية ضد الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، وحزب الإصلاح (مكون شريك للحكومة) وشخصيات قبلية وسياسية مناهضة للمجلس الانتقالي أو المشاريع الخارجية.
أبرز هذه الحسابات :

 @almrhale@5SuiOfpKCLg0b4d

@SBasy19612 - @lawlaqi2

@abuamir900 - @AIrMo73

@Suleman9808 - @south_arabic90

@IbnCrater123 - @Namer20200


بشكل متزامن في الدقائق الأولى، مستخدمة وسومًا وعبارات متطابقة، وأعادت التغريد المتبادل ضمن شبكة مغلقة.
ورغم اختلاف الأسماء والصور، إلا أن النمط السلوكي أظهر أنها أدوات تعبئة رقمية تعمل وفق تنسيق مسبق، تهدف إلى خلق زخم مصطنع وهندسة الرأي العام، لا إلى التفاعل الطبيعي أو النقاش الحر.

التضخيم الاصطناعي؟

أظهر تحليل فريق منصة مُسند أن حملة #التشكيلات_الارهابيه اعتمدت على تضخيم اصطناعي لزيادة نطاق الوصول، من خلال تكرار النصوص، وإعادة التغريد الآلي، والنشر المكثف والمتزامن خلال فترة زمنية قصيرة. أكثر من 60% من تغريدات الساعات الأولى كانت نسخًا متطابقة، مع استخدام عبارات مفتاحية موحدة، ما يعكس وجود خطة تحرير مركزية.




كما رُصدت أنماط نشر آلي لدى حسابات مثل @namer20200 و @vfj_98، تضمنت إطلاق عشرات التغريدات في دقيقة واحدة وإعادة تدوير المنشورات نفسها بشكل دوري، مع توظيف خطاب عاطفي مشحون وصور رمزية، في محاولة لخلق انطباع بتأثير واسع رغم ضعف التفاعل العضوي.



وتُظهر بيانات الوصول (Reach_Trend) قفزة حادة في الظهور خلال الساعة الأولى، مقابل انخفاض ملحوظ في نسب الردود والإعجابات، ما يؤكد أن الزخم بُني على تكرار المحتوى لا على التفاعل الحقيقي. هذه المؤشرات تدعم أن الحملة لم تنطلق بزخم طبيعي، بل استندت إلى شبكة تضخيم مصطنعة لفرض خطاب سياسي موجه ضد أطراف تُصنَّف كمناهضة للمجلس الانتقالي أو المشاريع الإماراتية في اليمن..



الموقع الجغرافي :

أظهر تحليل وسم #التشكيلات_الارهابيه أن الحسابات التي أطلقت الحملة كانت في معظمها حسابات آلية، حيث بدأ التفاعل الأولي من الإمارات، تلتها اليمن عبر إعادة التغريد. فيما جاء المحتوى الأساسي وعمق الحملة أيضًا من الإمارات، قبل أن تلحق بها دول أخرى باستخدام أدوات إخفاء الموقع (VPN/Proxy) مثل كوريا الشمالية والكاميرون.
معظم المنشورات تتضمن مزيجًا من المواضيع مثل التحديثات الإخبارية، الرسائل الشخصية، والـ"ميمز". هناك إشارة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة
 (UAE) في بعض المنشورات، ما قد يشير إلى أن المحتوى مرتبط بالإمارات.


المشاعر:

أظهر تحليل فريق منصة مُسند أن حملة #التشكيلات_الارهابيه استهدفت حزب الإصلاح، وهو مكوّن شريك في الحكومة المعترف بها دوليًا، ووصفتْه بـ"الإرهابي" و"العميل للحوثيين"، مستخدمة عبارات مثل "الأخونج" و"الفتن" و"المناطقية" لإضفاء طابع أمني على الخطاب.


تحليل أكثر من 8.290 منشور  بيّن أن 61% منها حملت مشاعر سلبية، تركزت في مفردات تحريضية مثل "خلايا إرهابية" و"مليشيات الإخوان" و"خونة الداخل"، وأن ذروة هذه السلبية جاءت منذ الساعات الأولى، ما يعكس إعدادًا مسبقًا يهدف لتشويه الخصوم وإعادة تصنيفهم كتهديد وجودي.


تحليل المحتوى:

أظهر تحليل منصة مُسند أن حملة #التشكيلات_الارهابيه تجاوزت النقد السياسي إلى تحريض مباشر ضد شخصيات قبلية، ومكونات حكومية، ومسؤولين عسكريين في المحافظات الشرقية، مستخدمة أوصافًا مثل "إرهابي"، "عميل"، و"خلايا نائمة" لتبرير الإقصاء.
شملت الاستهدافات الشيخ علي سالم الحريزي الذي صُوّر كرمز لـ"النفوذ القطري"، والعميد عبدربه لعكب الذي وُصف بأنه قائد مليشياوي مرتبط بالإصلاح رغم منصبه الأمني في شبوة، والشيخ عمرو بن حبريش الذي قُدّم كمعرقل لمشاريع الانتقالي في حضرموت، إضافة إلى الشيخ سلطان العرادة الذي وُجهت له اتهامات ضمنية بالتواطؤ الأمني رغم عضويته في مجلس القيادة الرئاسي.



هذا النمط الموحد في الخطاب يعكس حملة منظمة تحريضية تستهدف شيطنة شخصيات محددة وتهيئة الرأي العام لإقصائها سياسيًا أو أمنيًا.

التفاعل المكثف والزخم اللحظي للحملة؟

سجّل تحليل منصة مُسند نمطًا من التفاعل اللحظي المكثف في حملة #التشكيلات_الارهابيه، بلغ ذروته عند الساعة 4:08 مساءً بتوقيت اليمن، في موجة اندفاع رقمي متزامنة وغير طبيعية.


 أظهر منحنى الوصول (Reach_Trend) ارتفاعًا حادًا في الدقائق الأولى أعقبه هبوط سريع، ما يعكس تضخيمًا قصير الأمد يُستخدم عادة لرفع الوسم بسرعة عبر غرف تحكّم رقمية.


هذا الزخم لم يتحوّل إلى تفاعل عضوي، إذ غابت الردود والاقتباسات وتكررت التغريدات بصيغ متطابقة، في ما يشبه "الموجة الصامتة" التي تضخ خطابًا أحادي الاتجاه. وتكشف الفجوة بين حجم الوصول وضعف التفاعل أن الحملة لم تكن نتاج تفاعل مجتمعي، بل أداة لخلق انطباع زائف بـ"الإجماع الرقمي" يخدم أهدافًا سياسية مؤقتة

منهجية التحليل

اعتمد فريق منصة مُسند منهجية تحليل متعددة الطبقات لرصد وتفكيك حملة #التشكيلات_الارهابيه، شملت التحليل الكمي للسلوك الشبكي والنوعي لمحتوى الخطاب، انطلاقًا من أكثر من 8.290 تغريدة  عن طريق برامج مفتوحة المصدر من أدوات ونماذجOSINT Framework لتحليل التكرار وتوزيع الحسابات، ونوع التطبيقات، إلى جانب تحليل المشاعر والتضخيم.

أهم المؤشرات التي رُصدت: التزامن الزمني، تكرار النصوص والمفردات، غياب المصادر، وأشكال التفاعل الداخلي. أظهرت النتائج نمط تنسيق رقمي عالي التنظيم، مع سلوك متشابه للحسابات الداعمة في التوقيت والصيغة والموقع الجغرافي، ما يعكس غياب التفاعل الطبيعي.