طائرة شحن بقدرة 40 طنًا تتوقف لساعتين في مطار صنعاء في أول ظهور لها بالأجواء اليمنية
منذ 20 ساعة | 01 نوفمبر 2025
في وقت تشهد فيه الأجواء اليمنية واحدًا من أكثر ملفات الطيران حساسية في المنطقة، رصدت منصة مُسند رحلة غير مُعلنة لطائرة شحن كبيرة دخلت أجواء صنعاء ثم غادرتها في مسار مغلق دون أي إعلان رسمي أو بيانات إغاثية، في تحرك لافت أثار مجموعة من التساؤلات حول طبيعة العملية والجهات المستفيدة منها.

وبحسب بيانات تتبع الطيران المفتوحة وتحليل ملف التتبع (KML) الذي حصلت عليه مُسند، فإن الطائرة من طراز Boeing 767-232 BDSF وتحمل التسجيل 5Y-SNL وتتبع شركة الشحن الكينية Astral Aviation، وهي طائرة شحن ثقيلة قادرة على نقل أكثر من 40 طنًا في الرحلة الواحدة. سجلات التتبع تُظهر أن الطائرة أقلعت من مطار جيبوتي الدولي فجر الخميس 30 أكتوبر 2025 عند الساعة 06:07 صباحًا بتوقيت UTC واتجهت مباشرةً نحو المجال الجوي اليمني.

ولدى
اقترابها من العاصمة صنعاء، انقطعت إشارة بث الطائرة عبر نظام ADS-B عند الساعة 06:59:48 UTC على بُعد يقارب 87 كيلومترًا جنوب-جنوب شرق مطار صنعاء. هذا الانقطاع، الذي استمر لمدة ساعتين و18 دقيقة و47
ثانية، انتهى بعودة إشارتها عند الساعة 09:18:35 UTC من نقطة تقع على بُعد نحو 48 كيلومترًا جنوب العاصمة، قبل أن تتجه
الطائرة مباشرةً وتغادر المجال اليمني نحو جيبوتي، حيث هبطت عند 10:16:38 UTC، مسجلة دورة مغلقة ذهابًا وإيابًا دون أي
توقف وسيط.

هذا النمط العملياتي — مسار مغلق، فجوة بث طويلة داخل المجال الجوي اليمني، وعودة فورية إلى محطة الانطلاق — يتطابق عادة مع عملية تفريغ أو تحميل سريع في بيئة تشغيل خاصة، بعيدًا عن المسارات المُعلنة أو الرحلات ذات التنسيق الإنساني الرسمي. وقد أجرت مُسند مراجعة شاملة لقواعد بيانات الرحلات الإغاثية لدى الأمم المتحدة، بما في ذلك بوابات WFP / UNHAS وLogistics Cluster ومنصة ReliefWeb، إضافة إلى تحديثات المنظمات العاملة مثل أطباء بلا حدود، دون العثور على أي إعلان أو إدراج للرحلة ضمن برامج الإغاثة أو الدعم الإنساني في اليمن في ذلك التاريخ.

سياق الشركة وتاريخها التشغيلي
وفق وثيقة مجلس الأمن رقم S/2004/396، ورد اسم Astral Aviation أو النداء التشغيلي المستخدم باسمها في إشارة إلى شحنة أسلحة إلى ليبيريا بتاريخ 7 أغسطس 2003 عبر وسيط شحن يُدعى Gatewick Aviation Services.

كما وردت الإشارة ذاتها في دراسة SIPRI حول النقل الجوي وتدفقات السلع المزعزعة للاستقرار، دون صدور حكم قضائي ضد الشركة في ذلك الحين، مع نفي رسمي لاحق لأي نشاط غير قانوني.
وفي
أكتوبر 2025، نشرت الشركة بيانًا تحذيريًا يفيد بتورط جهات مجهولة باستخدام بوالص
شحن مزوّرة باسمها في شحنة ذهب، مؤكدة التزامها بسياسات الامتثال.
هذه الوقائع
تُظهر أن اسم الشركة قد ارتبط تاريخيًا بنشاطات شحن مثيرة للجدل، ما يرفع حساسية
أي تشغيل غير معلَن ضمن مناطق نزاع، ومنها اليمن.

تأتي هذه الرحلة في سياق لافت، إذ لم يمضِ سوى أسابيع قليلة على إعلان الأمم المتحدة في 16 سبتمبر 2025 نقل مكتب المنسق المقيم وعملياتها الرئيسة إلى مدينة عدن، تنفيذًا لتوجيهات الحكومة اليمنية بإعادة تموضع المكاتب الأممية في المناطق الخاضعة لسيطرتها.

غير أن
بيانات الرصد الجوي تُظهر أن الرحلات باتجاه صنعاء لم تتوقف، بل استمرت بوتيرة
ملحوظة منذ إعلان النقل، وشملت طائرات شحن ومساعدات وأخرى غير مُعلنة، مثل الرحلة
التي يوثقها هذا التحقيق.

هذا التناقض
بين الخطاب الرسمي حول إعادة التموضع في عدن، واستمرار الحركة الجوية الكثيفة نحو
صنعاء، يثير تساؤلات حول آلية التنسيق الميداني بين وكالات الأمم المتحدة والشركات
المشغلة، خصوصًا مع غياب الشفافية في إعلان نوعية الرحلات ومساراتها.

وبينما
لم تُصدر أي جهة رسمية إعلانًا يوضح طبيعة الشحنة التي نُقلت خلال الرحلة، فإن
غياب الإفصاح، والفجوة الزمنية الطويلة داخل المجال الجوي لصنعاء، ومسار الرحلة
المغلق دون إعلان مسبق، كلها عوامل تُثير تساؤلات مهنية حول طبيعة العملية
وأهدافها اللوجستية.
وتؤكد منصة
مُسند أن هذا التحليل يعتمد على البيانات الرقمية للرصد والتتبع عبر منصة Flightradar24، ويظل في إطار تحقيقات المصادر المفتوحة، في
انتظار أي توضيح رسمي يمكن أن يحدد طبيعة المهمة بدقة.